ســيرة الراهبة و القديسة ايسوذورا ( الهبيلة ) :-
========================
+كانت تعيش في أحد االأديرة راهبة تدعى ايسوذورا. اعتادت راهبات الدّير أن يطلقن عليها اسم الهبيلة نظراً لتصرّفاتها التي كانت تصدر عنها، إذ كانت تتظاهر بالجنون حبّاً بالمسيح
+لم تكن تأكل أبداً مع الرّاهبات. فطعامها اليومي كان فضلات الطّعام وبقاياه.
أمّا عملها الدّائم، فكان تنظيف الصّحون والطّناجر.
كان لباسها يختلف قليلاً عن لباس بقيّة راهبات الدّير البالغ عددهنّ 400 راهبة، إذ كانت تعصب رأسها بمنديل مغاير لمنديل الرّاهبات.
+لم تكن ايسيذورا تسمح لفمها أو لفكرها أن يدين أو يهين إحداهنّ. بل بالأحرى كانت البعض منهنّ يحسبنها غبيّة قليلة الإدراك، فكنّ يعاملنها بازدراء وبشيء من القسوة أو التّهكم موجّهات إليها الإهانات.
+كان الأب (بيتيروم ) ناسكاً متوحّداً جليلاً ومعروفاً بنقاوة سيرته .
هذا ظهر له ملاك الرّبّ قائلاً: "لماذا تفتخر متشامخاً متباهياً بتقاك وورعك وبسكناك مكاناً قفراً كهذا؟!
هل تعلم أنّ هناك امرأة تفوقك تقىً وورعاً؟
اذهب إذن إلى الدّير النّسائي الكائن في تابنيسي، وستجد راهبة تعصب رأسها بمنديل يختلف شكله عن بقيّة مناديل الرّاهبات. هذه الرّاهبة هي أفضل منك. إذ إنّ قلبها وفكرها لم يبتعدا أبداً عن ذكر الله مع أنّها تتحمّل أحزاناً كثيرة، بينما أنت قابع هنا في البريّة، وفكرك يجول ويدور في كلّ أنحاء المدينة ".
+ قصد آباء وشيوخ المنطقة طالباً إذناً بدخوله الدّير. وبما أنّه كان معروفاً بفضله وفضيلته وحسن سيرته، أذنوا له. وحال وصوله الدّير، طلب من رئيسته أن يرى جميع الرّاهبات، فأتين كلّهن يلثمن يده طالبات البركة إلاّ الرّاهبة إيسيذورا، فإنّها أبت الحضور لأنّها فهمت، أو بالأحرى كُشف لها قصد الأب من زيارة الدّير. وعندما أصرّ الأب على رؤيتها، أسرعت الرّاهبات إليها وجذبنها من ثيابها رغم تمنّعها. فما أن رآها الأب (بيتيروم)، حتّى انطرح ساجداً عند قدميها وقائلاً: " باركيني أيّتها الأم القدّيسة ". فسجدت هي بدورها وأجابت: " بل باركني أنت يا أبي القدّيس ". عند رؤية الرّاهبات لهذا المنظر شهقن من العجب وقلن: " لا تلتفت إليها يا أبانا لأنّها مجنونة وهبيلة ".
وأمّا هو فقال لهن: " ليست بهبيلة يا أخواتي، بل هي أمّنا كلّنا، وأرجو أن تشفع بي يوم المداينة ".
+ارتعشت الرّاهبات لدى سماعهنّ هذا الكلام وخفن، وبدأت كلّ واحدة منهنّ تعترف جهاراً بالإساءات التي كانت توجّهها إلى إيسيذورا، من كلام وشاية أو نميمة أو تهكّم أو غيره. فحلّهنّ الأب من خطاياهن ومضى منصرفاً إلى منسكه.
+مضت عدّة أيّام وإيسيذورا تلحظ إكرام الرّاهبات وتقديرهنّ لها. فانزعجت لهذا الأمر، وخشيت أن تخسر أجر تحمّلها وتواضعها، وأن تهوي في هوّة الكبرياء والزّهو. فانسحبت خفية من الدّير، ولم يعد يعلم أحد بمصيرها أو بمقرّها.
لقد آثرت على الهرب من المجد الباطل الوقتي لتتمتّع بالمجد الأبدي السّرمدي العتيد أن تحصل عليه في السّموات برفقة المجاهدين أمثالها الذين أرضوا الرّب.
======================
بركة صلواتها تكون مع الجميع
أمــــيـــــــــــــــن .......