سيره القديسة الراهبة الأم سارة رئيسة دير الأنبا بضابا
لقاء مع الام سارة
اسمها في شهادة الميلاد عايدة جاب الله سعيد التي ولدت يوم الثامن من أبريل 1939 بساحل طهطا شمال محافظة سوهاج.
لها أحلام حياتية كمثل من هم في عمرها
نمت لديها فكرة الرهبنة واعتزال العالم مبكرا في سن الخامسة عشر بعد أن اقتنعت بفكرة الرهبنة من خلال ارتباطها الشديد بالكنيسة وسماعها عدد من العظات التي تتحدث عن حياة الرهبنة والتوحد والحياة مع الله في كنيسة بلدتها وبعد رحيل والدتها أصرت علي زواج أبيها قبل ذكري الأربعين لوالدتها لترحل جنوبا إلي دير الأنبا بضابا الأثري بمدينة نجع حمادي للتأهب لإيجاد علاقة أكثر خصوصية مع خالقها
وتم سيامتها راهبة باسم سارة الأنبا بضابا بيد المتنيح الأنبا مينا مطران جرجا بعد مرور عام من دخولها الدير الذي كان يتبع إيبارشية جرجا في ذلك الوقت وكانت تعيش بالدير مع راهبة أخري هي الأم مريم التي رحلت في عام 1965 و كان يقوم بالطقوس الكنسية في الدير خمسة قساوسة غير مقيمين فيه, لتعيش الأم سارة وحيدة بالدير وكانت تتخفي ليلا في زي الرجال وتقوم بنوبات حراسة في الدير متي استدعت الحاجة لذلك لمنع اللصوص من سرقة الدير و ذلك بسبب الموقع النائي للدير ومجاورته للزراعات آنذاك
واستمرت في حراسة الدير عشر سنوات حتي نصب الأنبا مينا راهبتين لتعيشا معها في عام 1975
وعندما أسس قداسة البابا شنودة الثالث إيبارشية نجع حمادي وأبوتشت وتوابعهما في مايو 1977 وسيم عليها نيافة الأنبا كيرلس أسقفا
حيث بادر الأسقف الجديد بتكليف القمص أبسخيرون القمص إسطفانوس بأمور الدير الذي أصبح تابعا للإيبارشية نجع حمادي واتخذ الأنبا كيرلس إجراءات إصلاحية في تنظيم الأمور المالية والإدارية بالدير و بعدها استقرت الأوضاع لتتفرغ الأم سارة لحياتها الروحية بعد أن مرت بمراحل صعبة تحملتها بصبر وجلد .
ومرت الأم سارة برحلة مريرة مع المرض صاحبتها حتي وفاتها فجر الاثنين 25\5\2009
فقد داهمها مرض السرطان بالكتف وامتد إلي أجزاء من جسدها ومنها سقوط أسنانها وأجزاء من فكها و عولجت من المرض وشفيت منه بطريقة إعجازية
وفي عام 1996 أصيبت بجلطة في المخ نتج عنها شلل نصفي و شلل في حركة البلعوم و فقدت قدرتها علي البلع لمدة 13 يوما
واحتجزت بمستشفي الحياة بالقاهرة وتحسنت حالتها لتعود للدير مجددا كما كانت تعانى من مرضي الضغط والسكر .
عاشت الأم سارة 55 عاما بدير الأنبا بضابا ساهمت فيها في تعمير الدير ووضع اسمه علي خارطة السياحة الداخلية
فالبرغم من الأهمية التاريخية والأثرية للدير الذي يعود تاريخ بنائه للقرن السابع عشر وكونه أحد أهم المجسمات المعمارية التي تؤرخ للعمائر الكنسية التي بنيت من الطوب اللبن في الصعيد إلا أن وجود الأم سارة كان سببا وحجة قوية لزيارة الدير من قبل الوفود الضخمة من أنحاء متفرقة من الجمهورية ومن خارج مصر, وذاع صيت الأم سارة في منتصف الثمانينات بعد أن عرف عنها قدرتها القوية في إبداء المشورة في القرارات المصيرية لطالبيها بحكمة شديدة
حتي صارت ملجأ لكل من يريد المساعدة في اتخاذ قرار مصيري ورغم كثرة زوارها في كل شهور السنة فإنها لم تتخل يوما عن كرمها المعهود وحسن ضيافتها مع كل الزوار من الأقباط والمسلمين الذين كانوا يتوافدون عليها بصفة مستمرة وقد ارتبطت بعلاقات مودة وصداقة مع نحو 23 أسرة مسلمة تقطن بجوار الدير و كانت تحفظ أسماءهم وتتبادل معهم الزيارة حتي أقعدها المرض
وكانوا يتناوبون علي زيارتها باستمرار للاطمئنان عليها بعد أزمتها الصحية الأخيرة.
ورغم أن الشيب أدركها فأنها لم تنس يوما اسما من جيرانها المسلمين و هو ما كان يثير دهشة مرافقيها وكانت تؤمن تماما بالمواطنة ولا تسأل عن عقيدة من يزورها و كانت توبخ من يوضح لها ذلك .
وفي حياتها الروحية ارتبطت الأم سارة بالسيدة العذراء وبالأنبا بضابا قديس الدير فكانت في كل المحن التي مرت بها تستغيث وتستنجد بهما
ولم يمنعها المرض من مواصلة حياتها الروحية فقد كانت تستيقظ في الرابعة فجرا لتتلو الصلوات حتي السادسة ثم تحضر صلاة القداس وتستقبل ضيوفها من الساعة التاسعة صباحا حتي الثامنة ليلا وهو موعد غلق الدير
ورغم أنها لم تتلق تعليما ألا أنها كانت تحفظ الإنجيل ومزامير داود وتصوم باستمرار و هو ما أعطاها حكمة في إرشاد الآخرين دون أن يغير ذلك في اتضاعها وبساطتها .
وفي الساعة الحادية عشرة من مساء يوم الأحد 25\5\2009 انطلقت روح الأم سارة من جسدها لتذهب الى عريسها المسيح.
بركة صلواتها تكون معنا ولربنا المجد الدائم الى الأبد آمين +++