الثقة في النفس

الثقة في النفس: نكشف لكم عن الســــر


الثقة في النفس هي على نحو ما صفــــة من صفات القرن الواحد والعشرين، نستخدمها أحيانا لتعريف الكاريزما، وأحيانا لتفسير جرأة أحدهم الزائدة عن اللازم والعكس صحيح. ولكن ماذا لو كانت الثقة بالنفس شيئا آخرا؟

ماذا لو كانت الثقة بالنفس هي ذلك المفتاح الذي يمسح لـــك بإدراك قيمتك الشخصية، وبأن تعرف نفســك معــرفة جيـــدة، وأن تبني الشخصية الاجتماعية التي تناسبـــك حقا؟

ألن تسمح لــك بتطويــــر ذاتــــك في واقعـــك اليومـــي، وبوضع الضغوط في حجمها الحقيقي وإطارها النسبي؟

سوف تدرك أن الثقة بالنفس ليست أكثــــر ولا أقـــل من مجرد حكـــم ، من نقد ذاتي يحد من إمكانياتك وحرية تحركاتك.

لا شك أنك ستسأل عزيزي القارئ عن كيفية الظفر بتقدير الذات والثقة بها…

1. تعزيز الثقة بالنفس عن طريق وضع الضغوط في إطارها النسبي


إنه بملاحظة كيف تُبنى التفاعلات في العلاقات المختلفة، ستستطيع فهـــــم لماذا تراودك الشكوك بخصوص مصداقيتك أو بخصوص أعمــــالك.

خــــذ مثالين مخــتلفين تماما.

– عندما تكون رفقــــــة الأصدقـــاء

لو أن واحد من أفضل أصدقائك يقوم بالتضييق عليك، بالتقليل من شأنك أمام عـــدد من معارفك.

كيف ستتصرف؟ في الغالب ستتصرف بلطافـــة، ومن دون أن تشعر حتى بالإهانة، وستعيد عليه الكَـــرَّة.

سيحصل نفس الشيء لو كنت مع عائلتك. سيكون بمقدورك أن تقول لهم كل شيء وان تتصرف حسب طبع شخصيتك من دون عنــــاء تذكيرهـــم بـمزايا هذه الأخيرة.

لماذا؟ لأنك تعرف المعايير والرموز الاجتماعية التي تحكم علاقاتك بعناصر هذه الدائرة التي تَـــأْلفـــــها.

وهم بذلك يتقبلونـــك وليسوا بصدد محاكمتك… بإمكانك إذن أن تتصرف بأريحية. فالضغط هنا شبه معدوم وبإمكانك أن تتصرف تصرفات طبيعية.

في لا شعورك، وجهة نظـــرك لا تقل أهمية عن وجهات نظر أصدقائك أو أفراد عائلتك. إنك إذن تشـــارك في عملية مشاركة وليس نزاع.

– إذا كنت في العمل أو في القسم


طلِـــب منك أن تأخذ الكلمة أمام الجميع لتتحدث عن حصيــــلة عملك.

ستتردد وتتلعثم ولن تكون متأكدا من أفكارك… وذلك حتى لو قمت بالاستعدادات الضرورية، حتى لـــو كنـــت على يقين بأنه يُنظر إليك بأنك حريص وفعال.

قد يكون هذا الشعور حاضرا عندما يحاول مديرك أن يوجه إليك توبيخا. كيف ستتصرف في هكذا حالة؟ هل سترد عليه بالمثل، لتجدك أمام مشكل هو أنْ تُـــؤخذ عنك صورة سلبية من طرف رئيسك؟ أم أنك ستكتفي بالصمت محاولا أن تظهر شخصية ضعيفة.

الموقف سيكون مختلفا إذا تعلق الأمر بموقف حيث تتطور فيه وسط دائرة علاقات محددة ومألوفة لديك.

ثقتـــك بنفسك قد تتقــوض أحيانا بوجود أشخاص لا تعرفهم بما يكفي، لأنك لا تعرف كيف يتصورونك وبأي طريقة ينظرون إليك، وأي قيمة يعطوكها.

هل تعتقد أن رئيسك في العمل سيكون في نفس المستوى الذي أنت فـــيه؟

يجب أن يكون هدفــــك هو تقليــــص الشكــــوك التــي تنتـــابك خـــلال تبـــادلاتـــك اليوميـــة مع محاوريـــــك، والنظر إلى هــذه الشكوك في حجمـــها الحقيقــي. الهـــدف إذن هو تقويض هذا الضغط النفســـي الذي يقيدك.

لكن كيــف ذلك؟ بأن تبــــدأ أولا بــــــإدراك من أيــــن تنبـــــع طريـــقة تفكيــــرك أنت، وليس طريـــــقة تفكيـــر الغيـــــر.

الثقـــــة بالنفــــس تبنــــــى وتتطـــــور حسب ظــواهـــــر خارجـــية.

عليـــــك أن تتســــــاءل: هـــــل نظــــرة الآخريــــن يجـــب أن تــــؤثر عـــلى حياتــــي؟

هـــل أنـــا مستعـــد (ة) لتغييــــر شريــــكك، نمـــط لباســك، طريقة تعبيرك، نمــــط حياتـــك وتفكيـــرك ليُــنظر إليـــك أو إليـــكِ نظــرة جيدة من طرف الأشخاص الذي بالكاد عرفتــــهم.

أو هـــل يجـــب أن أثبـــت ذاتي وأُحتَـــــرم، لأنني كباقـــي الناس، أحتفــــظ بحريتــــي فـــي أن أكــــون كــما أُريــــد؟

2. الثقــــة بالذات كحــالة وعــــي يوميــــة


إذا كان علــيّ أن أُعــــرِّف الثقة بالنفــــس، لقلــــت أنها هـــي غيـــاب الشكوك أثــــناء إنجاز عمــــل أو مهمـــة ما. وسأذهب إلى أبعد من ذلك، وأقول أنها هي أن تكـــون مؤمنا وواثقا ممــــا تفعـــــل. إنها بكل بساطة أن تتحمـــل مسؤوليتـــــك أمام العالم الخارجي.

يجب أن تـــدرك أنك كلما تشكـكتَ في نفــــسك كلما فقـــدت مصداقيتك وتأثيرك.

سواء أتعلق ذلك بمجال الإغراء أو بالمجـــال المهنـــي، فالذيــــن يلاقون نجاحا أكثر هـــم أولئك الذين باستطاعتهم الانفتاح على الآخرين دون خوف من أحكامهم، أولئك الذين يؤمنون بأنه ليس هناك أية شرعية لأي شخص في أن يغير طريقة حياتهم.

المبالغة في طرح الكثير من الأسئلة تحــد من انسيابية الذات وبالتالي تحد من التعبير عن الثقة بالنفس.

لا يصـــح أن يهيمن خوفـــك من الفشل على اختياراتك أو ردود أفعالك.

والفشل يدخل في عملية التعلــــم بما هو تجربة يُستفاد منها، وقيمته في هذا الشأن لا تناقش، فبمعرفة وفهم أخطاءك ستصبح أكثر نضجا و فعالية.

3. كيف تقوي ثقتـــك بنفسك بطريقة ملموسة.


الآن يــجب أن تفهـــم أن لا شيء سيطالك لأنك سوف لن تموت من مجرد سخرية أو استهزاء تعرضتَ إليه، لأن مصدره لا شرعية له في أن يؤثر عليك. لقد حان الوقت لتضخ دماء جديدة في ثقتك بنفســـك.

إليك بعض النصائح الكفيلة بجعلك تبني شخصية اجتماعية متينة.

– التواصل يحسن الثقة بالنفس

لكي تشعر بأريحية في حياتك اليومـــية يكفـيــــك أن تفهـــم التفاعلات التي تُعتمل في علاقاتك المختلفة بطريقة مغايرة بعض الشيء للطريقة المعتادة.

بـــدل أن تـنـشغـــل بالتساؤل عن الكيفيــــة التي سيُنظر إليك بها بشأن وجهـــة نظرك، انشغِــل بالتساؤل عن الإحساس الذي يسعى إليه محاورُك بدخوله في حوار معك.

سيكون في أريحية ، يستمع، يشعر بالاحترام، بأنه مهم، مثلك بعض الشيء في المجموع.

احتفظ دائما بهذا المنطق في عقلك: الناس يتصورونك انطلاقا من الصورة التي تبعثها لهم.

فلتكن أنيقا دائما، مبتسما، لطيفـــا، ولا تترد في الدخول في تواصل مع أشخاص جــــدد، سيتــــأتى لك من ذلك ارتياحا نفسيا كبيرا.

إذا كان ذلك يبدو منطقيا فنحن نرى أن الضغوط و الإجهاد غالبا ما يؤدي إلى سلوك معاكس لسياسة تقوية مهارات التعامل مع الآخرين. احذر أن تقع في هذا الفخ (عدم إحسان التعامل مع الإجهاد قد يبعثر كل شيء).

وهذا ينطبق أيضا على التواصل غير اللفظي (لغة الجسد)، كـــن منفتحا دائما ودقيقا في جميع حركاتك، للحـــد من تأثير الشكوك عليك.

– المظهر يعزز الثقة بالنفس


أجل هذا ينضوي تحت المظلة الماديــــة، ولكن لذلك قدر من الأهمية في إنعاش ثقتـــك بنفــــسك، فالظهور بمظهــــر جيد يجعلك ترتاح لنفسك بالشعور بقيمتك الاجتماعية.

صحيح أن الملابس لا تصنع الرجــــال، إلا أنهـــا قـــد تُشكل خطــــوة فعـــالة بخصــــوص التطور في تصــــورك لـــذاتك.

– التجـــــارب هي لبـناتٌ لبناء الثقة بالنفــــــس


أن تكــــون متوفــرا على خبــــرات و كفاءات متعــــددة ومتنوعـــة هو عـــامل من عـــوامل تنمـــية مصـــداقيتك مع نفسك وثقــتك بها.

فإنه من المستحسن زيادة خبراتــــك، سواء الرياضية، الثقافية أو المهنية.

فكـــلما أثــــريت معـــارفـــك، كـــلما كان لــديــك الانطبـــاع بـــأن قيمتــــك الاجتماعية تتعزز، الشيء الذي سيسمح لــك بالشعور بأريحية أثناء الحديث عن مسارك الشخصي.

كما ترى، فالثقة في النفس هي ظاهرة ذاتية تماما، محركها الرئيسي هو فهمك لأحكام الآخر بشأنك.

فكلما كان بمقدورك وضع أحكام الأخر في حجمها الحقيقي النسبي، كلما شعرت أن بمقدورك إنجاز ما تمليه عليك شخصيتك، وليس ما يمليه عليك الضمير الجمعي السائد في بيئتك… بهذا ستكون قد خطوت خطوة باتجاه الارتقاء بــــــذاتك.
التعليقات
0 التعليقات
شكرا لك على التعليق

اشترك فى القناة