الأسبوع السادس
هذا الأسبوع ينتهي بأحد التناصير (أحد المولود أعمى). وقد كانت الكنيسة الأولى تقوم بعماد
الموعوظين يوم أحد التناصير على اعتبار أن الشخص الذي نال سر العماد هو كالمولود أعمى الذي أبصر
ولسان حاله يقول كنت أعمى والآن أبصر.
وتدور نبوات الاثنين والثلاثاء والأربعاء من إشعياء حول نقطتين هامتين:
الأولى: أن المعمودية هي وسيلة تفتيح الأعين غفران الخطايا.
والثانية: أن الشهادة بقوة هي عمل الذي أبصر بعد أن كان أعمى.
وهذا ما نراه واضحاً في حديث المولود أعمى مع رؤساء الكهنة والكتبة وشهادته للسيد المسيح بقوة حتى
إنتهى الأمر بطرده من المجمع.
يوم الاثنين:
أولاً: الشهادة: "أنتم شهودي يقول الرب... أنا أنا الرب وليس غيري مخلص"
(١١ ،١٠ :٤٣). "أنا
أخبرت وخلصت وأعلمت وليس بينكم غريب وأنتم شهودي... أنا هو ولا منقذ من يدي أفعل ومن يرد" (٤٣:١٣ ،١٢)
فواضح أن الشهادة هي بخلاص الرب الذي فتح عيني الأعمى. وهذه الشهادة ليست للغرباء (وليس بينكم
غريب). ويكرر قوله أنا أنا الرب وليس غير مخلص، فلا خلاص بدون دم المسيح والفداء. وتكرار كلمة
شهودي تجعل الشهادة عمل ضروري للمسيحي حتى الاستشهاد.
ثانيا المعمودية: "لأني جعلت في البرية ماء، أنهاراً في القفر لأسقى شعبي مختارى. هذا الشعب
جبلته لنفسى يحدث بتسبحتي" (٢٠ :٤٣).
"أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها" (٢٥ :٤٣).
أ- فالمعمودية: هي ما يتفجر في البرية. في وسط ظلمة برية العالم جاء السيد المسيح يقول:
"إن لم تولدوا من الماء والروح لن تدخلوا ملكوت السموات"، المعمودية هي ولادة روحية، ولادة من الظلمة
إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن البرية القفرة إلى مياه متفجرة.
ب- بالمعمودية هي بنوية الله وملكية له وليست للغرباء. بها نصير شعبه وأولاده الذين نعرف كيف
نسبحه "هذا الشعب جبلته لنفسي يخبر بتسبحتى" (٢١ :٤٣).
جـ- والمعمودية هي غفران للخطية "أنا أنا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها"(٢٥ :٤٣)
يوم الثلاثاء (أش ٨-١ : ٤٤):
أولاً: المعمودية:
أ- شعب مختار (أولاد االله) "إسمع يا يعقوب عبدي وإسرائيل الذي اخترته" (١ :٤٤)
ب- مياه المعمودية "لأني أسكب ماء على العطشان وسيولاً على اليابسة" (٣ :٤٤)، "فينبتون بين
العشب مثل الصفصاف على مجارى المياه" (٤ :٤٤).
فالمعمودية هي مياه تروى الكنيسة وسيولاً وسط أرض العالم اليابسة (هي ولادة من فوق والعالم
ولادة من أسفل...) هي اغتسال في بركه سلوام. إن بركة سلوام هي من أقوى الرموز عن المعمودية، كما
أن المولود أعمى هو أقوى الأمثلة عن الاستنارة الروحية بالمعمودية، لأنه بعد أن تفتحت عيناه أبصر السيد
المسيح وسجد له، أما الكتبة وكهنة الشعب كانت لهم عيون تبصر كل شيء في العالم إلاَّ الذي جاء لفديها
ويخلصها لأنهم لم يجتازوا سر بركة سلوام. المعمودية هي نمو للنفوس المؤمنة وسط عشب العالم مثل
الصفصاف على مجارى مياه المعمودية.
ثانيا: الشهادة:
يكرر مرة أخرى قائلاً: " فأنتم شهودي هل يوجد إله غيري" (٨ :٤٤).
وهنا بعد الحديث عن المعمودية يلزمنا إشعياء أن نشهد للمسيح أن ليس إله غيره- إشعياء الذي قال هأنذا
فأرسلني لأشهد لك.
أليست هذه هي اختبارات المولود أعمى بعد أن نال سر الاستنارة الروحية (المعمودية) أن صار شاهداً للسيد
المسيح!
يوم الأربعاء (إش ٢٨-١ :٤٤):
يتحدث فيها بوضوح عن الكنيسة وبنائها مبتدئاً بالمعمودية لإقتناء شعب مفدى لا ينسى من االله
ومغفورة له خطاياه:
"يا إسرائيل فإنك أنت عبدي... عبد لي أنت...".
"يا إسرائيل لا تنس منى...".
"قد محوت كغيم ذنوبك وكسحابة خطاياك...".
"لأن الرب قد فدى إسرائيل...".
"والقائل لأورشليم ستعمر ولمدن يهوذا ستبنين وخربها أقيم".
كل هذه النبوات مشجعة للسائر في طريق الصوم الذي نال سر المعمودية أنه في ملكية االله، لا ينسى
منه، ممحوة ذنوبه مفدى بدمه ستعمر حياته وتبنى من خرابها وبالتالي تعمر الكنيسة كلها. هذه باختصار قصة
الولادة الجديدة، وقصة المولود أعمى الذي طرد من الهيكل فأخذه يسوع إليه وأدخله حظيرته (يو ١٠).
نبوات الخميس والجمعة
(١٧-١ :٤٥ إش)
نبوات الخميس والجمعة:
كلها تتحدث عن خلاص الكنيسة، وهو موضوع خطير جداً، لأن الخلاص سوف لا يحدث بأحد من
أولاد الكنيسة بل بعدو الكنيسة الذي سيحول االله قلبه حتى انه سيدعوه:
كورش راعى (إش ٢٨ :٤٤).
ومسيحه كورش (إش ١ :٤٥)
فالكنيسة بالتأكيد هي في رعاية االله لأنها عروسه، وهو قادر على خلاصها بوسيلة لا تتوقعها أبداً-
وليس علينا أن نقترح على االله طريقة الخلاص كما نفكر كثيراً بأفكارنا الضيقة، بل علينا فقط أن نصلى
ونصوم ونسلم حياتنا الله ونتوقع خلاص االله بسكوت و بإيمان.
أليس هذا هو طريق الخلاص بالإيمان بالمعمودية وفاعلية دم الصليب فيها، لقد كـان الصـليب عـاراً
فأصبح لنا خلاصاً. وماء المعمودية بعد الصلاة أصبح له حق الولادة من االله.
لقد صدر الخلاص لشعب االله بواسطة كورش الراعي المعين من االله والمدعو مسيح الرب.
"وكورش يبنى مدينتي ويطلق سبي لا بثمن ولا بهدية" (إش ١٣ :٤٥). وهذا ما حدث لنا أننا نلنا البنوة،
وتفتيح الأعين، والاستنارة الروحية بلا ثمن ولا بهدية بل مجاناً بدم المسيح بالمعمودية.
"وخلاص الرب خلاصاً أبدياً... إلى دهر الدهور" (١٧ :٤٥). إن بنوتنا الله بالمعمودية أبديـة لا يمكـن
الرجوع فيها، لذلك فالمعمودية لا تعاد للإنسان الذي يجحد االله ثم يتوب ويرجع كالابن الضال. إننا نولـد
من أبوين جسديين نأخذ منهما جسد ترابي لذلك فعمرنا الأرضي له نهاية، أما الولادة من االله بالمعموديـة
فهي أبدية إلى دهر الدهور لأنها ولادة من االله الأزلي الأبدي.
الإله المحتجب:
"حقاً أنت إله محتجب يا إله إسرائيل المخلص" (١٥ :٤٥). فإلهنا العظيم- ضابط الكل- الإله
المخلص- الذي لا ينسي أولاده- مصدر النور وخالق الظلمة- صانع السلام وخالق الشر- أنا الرب صانع
هذه كلها- لكي يعلموا من مشرق الشمس إلى مغربها أن ليس غيري أنا الرب وليس آخر (٧ -٥ :٤٥). هذا
الإله العظيم للأسف محتجب لا يراه إلاَّ أولاده لأنه هو الذي يعلن ذاته لهم "أراكم فتفرح قلوبكم" (يو ٢٢ :١٦).
هو الذي أعلن ذاته للمولود أعمى، وهو الذي لم يره الكتبة والكهنة والأشرار من اليهود. هو إله محتجب يظن
الأشرار أنهم يقدرون على الاضرار بالكنيسة كما حدث أيام إستير، وكما حدث في تاريخنا عشرون قرنًا. إنه
محتجب ولكنه منظور لأولاده ومخلصهم العجيب "أبشركم بفرح عظيم... إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود
مخلص هو المسيح الرب" (لو ١١ :٢).