الإلحاد والرد عليه
الإلحاد
هو أولي الخطايا الأمهات. وأخطرها. وما أكثر الخطايا التي تتولد عن الإلحاد! من
الصعب أن تحصي
والإلحاد
علي نوعين:
الأول:
ينكر وجود الله.
الثاني:
يرفض هذا الإله أو يتهكم عليه وينتقده.
والإلحاد
الرافض لله: إما أن يرفضه لسبب شهواني. أو لسبب اقتصادي. فالذين يرفضونه لسببه
شهواني. يرون أن الله يقف ضد شهواتهم بوصاياه التي تمنعهم عن التمتع بخطايا معينة.
وهؤلاء شعارهم يقول "من الخير أن الله لا يوجد. لكي أوجد أنا"!
أي
لكي أتمتع بالوجود الذي أريده. بعيداً عن وصايا الله التي تقيدني!
هؤلاء
يتهكمون بقولهم: أتدعون أن الله في السماء؟ ليكن في السماء. ويترك لنا الأرض لا
شأن لنا به. ولا شأن له بنا..!
أما
الإلحاد الرافض لسبب اقتصادي: فهو يدعي أن الله يسكن في برج عاجي. ولا يهتم بشئون
الأرض. ولا يقيم العدل والمساواة فيها!
ففي
الأرض يوجد من يعيشون في فقر وعوز لا يجدون القوت الضروري. بينما يوجد أغنياء
يحيون في رغد من العيش. ويفيض عنهم ما يزيد علي احتياجهم. مما يشتهي الفقراء
الفتات الساقطة منهم. والله يري ولا يعمل!!
وهؤلاء
الملحدون هم الذين أنشأوا الاشتراكية الملحدة. زاعمين أن الكل حسب نظامهم يشتركون
بمساواة في خيرات الأرض!!. ومنعوا ملكية الأرض والعقارات. فالناس يسكنون العقارات
ولا يملكونها. ويفلحون الأرض ويستفيدون من إنتاجها. دون أن يملكوها كذلك..
وكانوا
في بعض أساليبهم الإلحادية. يقولون للفلاح: أتريد بقرة؟
أطلب
من الله فإن لم يعطك إياها. اطلبها من ستالين أو لينين.. وحينئذ ستأخذها! فما معني
الإيمان بالله إذن؟ وما فائدته؟!
وعملياً
لا يمكن أن يتساوي الناس في إيرادهم. لأنهم غير متساوين في العقلية ودرجة الذكاء.
ولا في القدرة علي الإنتاج..
فقد
تبدأ مجموعة معينة بقدر واحد من المال لكل فرد منها. ولكن البعض قد يستثمر في ذكاء
واجتهاد وأمانة في العمل. فيزداد المال الذي معه ويتضاعف. بينما البعض الآخر يخسر
ما معه. أو ينفقه في الفساد. وينتهي الأمر بأن الذين بدأوا معاً بمساواة في المال.
انتهوا علي عكس ذلك تماماً.. ويكون ذلك عدلاً. لأن الله يكافيء كل إنسان بحسب
عمله.. إلا لو جعلنا الناس مجرد آلات بلا فكر!!
وقد
تتوزع الأرض الزراعية بالتساوي علي الناس. ويتجه البعض منهم إلي الصناعة ويستثمر
فيها ماله. فينبغ وتزيد ثروته علي غيره.
وفي
النهاية لا نجد هذه المساواة المنشودة..
إننا
لا نستطيع أن نخنق أصحاب المواهب والكفاءات. لكي يتساووا مع الخاملين أو الأغنياء.
بحجة الوصول إلي المساواة. التي مهما بدأت لا يمكن أن تستمر..
وبنفس
الوضع لا نقبل أولئك الإباحيين. الذين يرفضون الله لكي يأخذوا حريتهم في إباحتهم.
فيفسدون بدون ضابط..
فالله
يريد الخير للناس. وليس الخير في الفساد.. ويريد لهم الحرية. بشرط أن تكون حرية
منضبطة. ولا تضرهم ولا تضر غيرهم بسببهم. وقد رأينا أن أولئك الذين رفضوا الله
ليتمتعوا بوجودهم. لم يتمتعوا بوجود حقيقي. إنما في ضياع. ووصلوا إلي الانحراف
وإلي الشذوذ. وفقدوا الصورة المثالية للآدمية والإنسانية.
وحتي
إن رفضوا الله بسبب وصاياه. فهل أيضا يرفضون الدولة بسبب قوانينها. ويرفضون
المجتمع بسبب أنظمته وقواعده. ويقولون إن كل ذلك يحرمهم من وجودهم!! أو يقولون: من
الخير أنه لا توجد القوانين والأنظمة والأخلاقيات. لكن نوجد نحن!!
أما
الذين انكروا وجود الله. فقد جرهم الإنكار إلي عديد من الخطايا. نذكر من بينها:
أنكروا
أيضا الحياة الأخري. ولم يؤمنوا بالقيامة. لأنه من له القوة والقدرة علي إقامة
الموتي سوي الله؟ وهم لا يؤمنون بالله..!
وبإنكار
الحياة الأخري. أنكروا الثواب والعقاب فيها. وأنكروا ما يسمي بالجنة والنار.
وعاشوا بلا هدف. وبلا خوف من نتائج الخطيئة.
انكروا
عالم الأرواح جملة. فلا يؤمنون أيضا بوجود الملائكة وكل طغماتهم. ولا يؤمنون بغير
المرئيات والماديات. وبالتالي فهم أيضا لا يؤمنون بشفاعة الأبرار. ولا بصلوات
القديسين..
هم
لا يؤمنون كذلك بالصلاة بصفة عامة. لأنه لمن يصلي أي شخص؟ أليست الصلاة موجهة إلي
الله؟ وهم لا يؤمنون بوجود الله. وهكذا فقدوا الصلاة والترتيل والتسبيح وكل
الوسائط الروحية.
وفي
عدم إيمانهم بالله. أصبحوا لا يؤمنون بالوحي. ولا بالكتب المقدسة. وبالتالي لا
يؤمنون بالوصايا الإلهية. ولا يلتزمون بشيء منها..
وعلينا
أن نناقشهم في اعتقادهم أو في عدم اعتقادهم
نقطة
الحوار الأولي معهم هي سبب الوجود. أو مصدره أو علته
هناك
موجودات. هذا أمر لا جدال فيه. فمن الذي أوجدها؟
توجد
طبيعة جامدة كالجبال والهضاب والأنهار والبحيرات والأراضي كما توجد سماء وشمس وقمر
وكواكب ونجوم ومجرات وشهب.. وتوجد كائنات حية كالبشر والحيوان والطيور والأسماك
والحشرات. وأيضا توجد أشجار ونباتات.. الخ. فمن الذي أوجد كل تلك الكائنات؟
لابد
من كائن كلي القدرة أوجد كل هذا. فمن هو؟
بعض
الملحدين يقولون: الطبيعة فما هي الطبيعة؟ وما قدرتها؟
هل
الطبيعة هي الطبيعة الجامدة التي لا حياة فيها؟! وهل يمكن لغير الحي أن يوجد
كائنات حية. وهذا غير معقول. لأن فاقد الشيء لا يعطيه. فهل الكائنات الحية أوجدت
باقي الطبيعة؟ وهذا أيضاً غير معقول. فمن الذي أوجد الكون إذن؟ إجابتنا نحن
المؤمنين إنه الله. فإن كان عند الملحدين جواب
آخر
فليقولوه. ونناقشه معهم..
وإن
كانت مشكلة الوجود لغزاً أمام الملحدين بلا حل..
فإن
مشكلة الحياة ومصدرها. هي لغز أمامهم أكثر عمقاً..
إن
كل ما وصل إليه العالم من علم وذكاء واختراع. يقف جامداً أمام مصدر الحياة: كيف
أتت؟ وإذا فقدت كيف تعود إن أمكن لها أن تعود؟ ولا أقصد الحياة في سمو وجودها كما
في الإنسان. بل حتي الحياة في أبسط وجود لها. كما في الخلية الحية الواحدة أو في
البلازما..
إن
مجرد حياة نملة تسير علي الأرض تشكل لغزاً أمام الملحد: من أين أتتها الحياة؟
ووجود نحلة تسعي وراء رزقها وتصنع شهدًا من رحيق الأزهار. وتنظم أمورها.. هذه
النحلة في حياتها وفي صناعتها وفي نظامها عبارة عن لغز أكثر تعقيداً أمام الملحد:
كيف أتتها الحياة؟!
وكيف
أتاها هذا النشاط وهذه القدرة وهذا التدبير؟
إذا
تميزت الحياة بالعقل والفكر. يكون مصدرها أمام الملحد أكثر تعقيداً
وبخاصة
إن كان لهذه الحياة قدرة علي الاختراع. كما في حياة الإنسان. ما مصدر كل هذا؟
ويبقي السؤال بلا جواب..