قصة منجم الذهب

منجم الذهب

المشهد الاول : العبيد
هكذا نحن .. العرق يغمر الجباه .. الغبار يغطي الوجوه .. اجساد هزيلة و عيون غائرة مذعورة لم تعد تقوي علي الارتفاع عن مستوي الارض .. العقول اصابها خلل ما نتيجة نقص الأكسجين الدائم .. نقضي يُومنا نكدح بالمنجم .. مجهود عضلي يفوق قدراتنا و مجهود عقلي لا يذكر .. محاولة التفكير او التطوير تعد جريمة او الي الاثم اقرب سيعاقبك عليها زملائك قبل ان يسحقك السادة .. ليس مطلوب منك ان تفكر ههنا .. فقط عليك ان تبذل الجهد و الجهد و الجهد و الجهد من اجل بعض الخبز الذي لن يكفي أطفالك ..
جحيم لن يمكنك تصوره .. القرية بأكمها تعمل بالمنجم .. المنجم الذي يقولون انه كان لأجدادنا العظماء قبل ان يسلب منذ عشرات السنين ..
مهما ان حاولت ان آصف لك قريتنا لن تستطيع تصورها ما لم تراها .. انها ذلك الخليط العجيب بين قمة القبح الممتزج بقمة الجمال .. مباني اجدادنا العظام الشاهقة ذات المناظر البديعة تجاورها جبال من القمامة تماثلها في العلو .. النهر الساحر الملاصق لقريتنا و يجاوره حشد من العشش البائسة القبيحة و التي يسكنها أهل المنجم .. مساكن السادة علي أطراف القرية و هي مناطق نظيفة محظورة علي من هم مثلنا دخولها و الا مزقت الكلاب ثناياك ..
الخوف هو دستورنا .. لقد وجدنا عبيد أبناء عبيد .. اتخذنا العبودية بالوراثة .. عبيد لسادة المنجم .. المنجم الذي تناوب اغتصابه سادة مختلفين علي مر العصور .. و رغم اختلاف السادة الا ان القانون ظل واحدا .. قانون الخوف و الخضوع ..
صوت السياط وحده قادر علي اثارة الرعب في النفوس .. السياط جاهزة دائما لمن يحاول التمرد او المطالبة ببعض الحقوق .. ليس للعبيد حقوق أيها الأبلة من ظننت نفسك .. فمن تسول له نفسه الخروج عن قانون الخوف يصبح جثة مزقتها السياط باليوم التالي عبرة ..
أهالي القرية أناس طيبون بحق .. احلامهم بسيطة مثلهم .. لم يأملوا في اكثر من العيش بسلام و الحد الأدني من المأكل و الملبس و الماوي و هو ما يراه السادة طلبات مبالغ فيها .. فلم يمنحوهم سوي اقل القليل .. كانوا من الجهل و السذاجة و الإنهاك الذي لم يمكنهم من فهم انهم يموتون ببطئ .. ان حياتهم تسلب دون ان يعوا ذلك في مقابل تكديس الثروات في خزائن السادة ..
درجات الحرارة تتجاوز الخمسين بداخل المنجم .. الانفاس مختنقة كريهه .. الهواء عطن الرائحة ان وجدته من الأساس .. الغبار يملئ صدرك و يغطي جسدك .. و بالخارج تمتلئ الطرقات بالقمامة و تغزو الأمراض الاجساد ..
ان أردت ان تأخذ فكرة عن الجحيم يا عزيزي فعليك بزيارة قريتنا ..
اكثر ما يثير البؤس هو موت الفكرة .. فكرة ان هذا المنجم كان لنا يوما ما .. يوما ما لم نكن عبيدا .. يوما ما كنا سادة هذا المكان .. يوما كنا عظماء .. يوما يحاول الجميع ان ينسينا إياه ..
و برغم الاجساد الهزيلة الممتلئة بالامراض .. و برغم الجهل و الفقر .. و برغم الخوف الذي صار ناموسا .. و برغم عقيدة العبيد التي اعتنقناها .. هناك أمل ضعيف ان نعود يوما 
التعليقات
0 التعليقات
شكرا لك على التعليق

اشترك فى القناة