مثل السامري الصالح (لوقا 10: 25- 37)
"وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟». فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟». فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا». وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ سَأَلَ يَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟». فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلاًمِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِناً نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَكَذَلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضاً إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَلَكِنَّ سَامِرِيّاً مُسَافِراً جَاءَ إِلَيْهِ وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ. فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتاً وَخَمْراً وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ وَاعْتَنَى بِهِ. وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ. فَأَيُّ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيباً لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟». فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضاً وَاصْنَعْ هَكَذَا».
من هم الناموسيون؟
هم فئة من اليهود المضالعين في ناموس موسي، وكانوا متخصصين في تفسير الناموس وشرائع العهد القديم وتعليمها في المدارس والمجامع. هم يشبهون فقهاء الشريعة في عصرنا. وقد اتخذوا دراسة الناموس وتفسيره مهنة لهم.
وإذ ناموسي(فقيه، محامي) قام ليجرب يسوع. ذكر الرب يسوع لهذا الفقيه، هذا المثل الرائع الذي يعتبر من روائع القصص القصيرة وقد اتخذ الرب تعبيرا محوريا لوصف هذا السامري (تحنن عليه)، أي أن هذا السامري عندما شاهد الرجل الواقع بين اللصوص (تحنن عليه) واتخذ الحنان أشكال عديدة.
1- حنان للاحتياج وليس للاستحقاق: "ولما رآه تحنن"
رأي هذا السامري إنسانا سرقه اللصوص وجرحوه وتركوه بين حيً وميت، في حاجة ماسة إلي المساعدة.
مر علي هذا الرجل ثلاثة أشخاص:
أولاً: الكاهن الذي جاز مقابله (31) استمر في رحلته، مبررا نفسه بعقيدة عدم لمس الميت لكي لا يتنجس.ربما ظن الكاهن أن الرجل قد مات، فخشي أن يتنجس فيتعطل عن تأدية الشرائع المنوط بها.
كان من المعتقد أن الكاهن هو أقدس شخص بين اليهود فهو الذي يقدم ذبائح الخطية نيابة عن الشعب. هو الوحيد الذي كان يسمح له دخول الهيكل دون باقي الشعب. الكاهن هو الشخص الذي يمثل الله
ثانياً: اللاوي الذي لما رآه جاز مقابله أيضا. (32) لا بد أن اللاوي رأي الرجل الجريح لكنه نظر وعبر دون مبالاة.يشير دور اللاوي إلي دور النبي.. كان الرجلان(الكاهن واللاوي) خارجين من أورشليم بعد أن أديا الطقوس والشرائع فيها. لم يكن هناك داع للخوف من أن يتنجس أي منهما.
ثالثا: السامري الذي لما رآه تحنن عليه(33)
2- حنان فطري أصيل"ولكن سامريًا مسافرًا جاء إليه ولما رآه تحنن" (ع33)
لم تأت المساعدة من رجل دين، لم تأت من رجل من نفس الجنس، بل جاءت من سامري غريب الجنس. كانت هناك خصومات بين اليهود والسامريين، كان اليهود يتجاهلون السامريين. كان من المتوقع أن يقابل السامري كراهية اليهود له بكراهية متبادلة، بل كان من المتوقع أن يقوم السامري بإنهاء حياة اليهودي الملقي علي الأرض. لكن "مثل السامري الصالح" أصبح جزء من قاموسنا اليومي. كان من المستحيل أن يطلق أي يهودي صفة الصلاح علي أي سامري في ذلك العصر. ولا كان اليهود يتفوهون بكلمة سامري علي الإطلاق. كان اليهود لا يعاملون السامريين، كانوا يحتقرونهم كشعب نجس لا يمس.
كلمة تحنن في اليونانية تعني"شعور نابع من الأحشاء" وهو مرادف لتعبير إحساس غريزي نابع من الأعماق. رأي السامري ذلك الرجل الجريح مطروحا في يائس علي قارعة الطريق. تحركت أحشائه عليه، ولم يستطيع أن يجتازه دون تقديم المعونة.هذا هو المعني الحقيقي للحنان. الحنان يمنع النوم عن جفوننا حتي نقدم المعونة المطلوبة. نظر السامري شخصا يهوديا ملقي نصف حيً علي جانب الطريق، تحركت أحشائه وكان من المستحيل أن يجتازه،كما أنه قرر أن يقدم له المعونة ليس نتيجة استحقاق، لكن قدمها نتيجة احتياج. كان عدوا له. ولم يكن هناك دافع واحد يجعله يقدم أي حنان لشخص يهودي. لقد غًير هذا العمل العظيم معني العلاقة بين القوميات بأكملها. هذا ليس حنان نظري بل هو الحنان العملي
3- حنان عامل: "فتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتا وخمرا واركبه على دابته واعتنى به" (ع34). جسًد السامري عن مشاعره بطريقه عملية. لم يجتاز السامري إلي الجانب الأخر من الطريق، بل تقدم نحو الرجل المتألم، ليست هذه المشاعر أمرا مبهما. بل أن هذه المشاعر استوجبت العمل الفوري. رجل سامري الجنس يتحرك بخطوات ثابتة نحو يهودي يكًن له الكراهية والاحتقار. لأبد أنه قد فكًر فيما أنه لو كان السامري هو المجروح، هل كان اليهودي سيقدم له المعونة؟ تجاوب السامري بطريقة عملية، ليس بها أنانية. أركبه دابته، وأكمل الرحلة سيرا علي القدميين.
4- حنان مكلًف:"وفي الغد لما مضى اخرج دينارين واعطاهما لصاحب الفندق وقال له اعتن به ومهما أنفقت أكثر فعند رجوعي أوفيك" (ع35)
بذل السامري أكثر مما هو مطلوب، ذهب إلي الميل الثاني منفذا الوصية"من سخرك ميلا فاذهب معه أثنين"وعد السامري صاحب الفندق أنه عند عودته سيوفيه بأي تكاليف إضافية.أعطاه دينارين، لينفقهما في علاج الجريح. لم يكن هناك أي عمل أعظم من هذا يمكن عمله للإظهار الحنان.
5- حنان يكشف عن علاقة قوية مع الله: "فأي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريبا للذي وقع بين اللصوص.؟ 37 فقال الناموسي الذي صنع معه الرحمة. فقال له يسوع اذهب أنت أيضا واصنع هكذا" رد الفقيه وغصه في حلقه علي المسيح،"لم يستطع أن ينطق بكلمة السامري"بالقول : الذي صنع معه الرحمة. فقال له يسوع اذهب أنت أيضا واصنع هكذا. كان الرجل ناموسيا يستند علي أعماله فقال له أعمل. مضي الرجل دون تقديم أي عذر أو استفسار أخر. كان سؤله من هو قريبي. ورجع السؤال إليه من هو قريبك؟
"بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجا وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق" (1يو 3: 161- 8)
"إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي 16فقال لهما أحدكم امضيا بسلام استدفئا واشبعا ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعة. هكذا الإيمان ايضا ان لم يكن له أعمال ميت في ذاته" (يع1: 151- 7)
التفسير الرمزي والأخلاقي:
نادي بالتفسير المجازي لهذا المثل تلاميذ المسيح، كما علًم به أباء الكنيسة الأوائل نظير إريناوس، كلمنضس، أوريجانوس. أمبروز في ميلان وأوغسطينوس في شمال افريقيا. كما قدم هذا التفسير من الكنيسة الأرثوذكسية أباء كثيرون.
نادي بالتفسير الأخلاقي لهذا المثل فرانسيس شوفير"حب المؤمنين لبني جنسهم فقط، حب ناقص، يجب علي المؤمنين أن يحبوا الجميع". وشرح أوغسطينوس في تفسيره الرمزي أن الجريح هو ادم، وأورشليم هي أورشليم السماوية، وأريحا هي العالم المعاصر واللصوص هم الشيطان الذي يترك الإنسان بين حيً وميت. الكاهن واللاوي هما الإنسان العتيق والسامري هو المسيح والفندق هو الكنيسة.
و أشار كلفن أن الإنسان لم يولد لذاته وأن البشرية هي نسيج واحد.لا يجب أن نعيش لأنفسنا بل لأقاربنا.
كتب البابا كيرلس من الإسكندرية أن من يحب قريبه يتوج بإكليل المحبة العظيم .
نادي المصلح الاجتماعي الأمريكي مارتن لوثر كينج، بهذا المثل وعلم عن محبة القريب وكان له دور كبير في إلغاء التفرقة العنصرية في العالم.
المحبة المسيحية هي الحنان الحقيقي الذي لا يتمثل في تقديم النقود إلي شخص محتاج، لكن الحنان الحقيقي ينبع من العمل علي سد الحاجة وبنيان المحتاجين في جميع المجالات.
أدًي التفسير التطبيقي "اذهب وافعل هكذا" إلي إطلاق اسم السامري الصالح علي العديد من دور العلاج والمراكز الطبية والمنظمات الخيرية في جميع دول العالم: مثل مؤسسات "السامري الصالح" "وأخوات السامري" "وأصدقاء السامري الصالح" ومستشفي السامري الصالح"الذي استخدم في جميع دول العالم. ويطلق الاسم علي العديد من المؤسسات الخيرية التي تقدم المعونة للمحتاجين والمصابين.
في مجال الفن والثقافة:
ذاع هذا المثل في القرون الوسطي بصفه خاصة. وصوًر المثل المسيح بالسامري الصالح. ونقش علي الأيقونات في الكنائس بواسطة ابرز الفانين والرسامين مثل فنست فان كوخ و لوس كما قام النحاتون مثل بيت ايزر وفرانس ليون بأعمال خالدة تجسيدا لهذا المثل. ونقشت استراليا عملة مادية تحمل السامري الصالح والرجل المجروح وقد حمله علي دابته إلي الفندق. كما طبع نفس الصورة علي الشلين الأمريكي لفترة سابقة
أنشد الشعراء القصائد في هذا المثل وأنتجت أفلام محورها المثل ودمجت علي اسطوانات"دي في دي"لتقدم في حلقات لدراسة الكتاب المقدس.
وضع الرب يسوع في هذا المثل حدا فاصلا بين الشخص الذي له علاقة حيًة مع الله والشخص المتدين ظاهريا وكشف السيد المسيح الأشخاص الذين نظروا الجريح و استمروا في مسيرتهم بدون اكتراث. يسأل بعض الناس ماذا أفعل لأدخل السماء؟ وتأتي الإجابة: بالإيمان والثقة في المسيح الذي فدانا ودفع أجرة الخطية بالكامل. ثم يمكننا تقديم الأعمال الصالحة.
ما هو اسم السامري الصالح؟
كان الواعظ الألماني الشهير في القرن الثامن عشر- فريدريك اولبرتين -عائدا من إحدى القرى إلي منزله و نظرا لسوء الحالة الجوية لم يجد أي وسائل نقل وكان الوقت متأخرا.فبدأ رحلة عودته سيرا علي الأقدام. اشتدت عاصفة الثلج، ضل طريق العودة وخشي الخادم من التجمد. وشعر بوهن وإعياء شديدين فجلس علي جانب الطريق..
بعد بعضة ساعات، ظهرت عربة وشاهد السائق شخصا جالسا علي جانب الطريق. توقف الرجل وترجل من عربته وحمل الواعظ إليها، وأوصله إلي اقرب دار علاج. وطلب من المسئول أن يعتني به.
بينما هو يهم بالرحيل، سأله الواعظ في صوت خافت: سيدي ما اسمك؟، حتى أذكرك في صلاتي أمام الله.؟ كان هذا الرجل يعرف الواعظ وقال له سيدي: أنت واعظ، دعني أوجه لك سؤالا: ما هو الاسم الحقيقي للسامري الصالح؟ أجابه الواعظ"لا أعلم.لم يذكر الكتاب المقدس اسم السامري الصالح."فرد عليه الرجل : أسمح لي أن اخفي اسمي عنك حتي تخبرني باسم السامري الصالح.
"وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟». فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟». فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا». وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ سَأَلَ يَسُوعَ: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟». فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلاًمِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِناً نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَكَذَلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضاً إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَلَكِنَّ سَامِرِيّاً مُسَافِراً جَاءَ إِلَيْهِ وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ. فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتاً وَخَمْراً وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُقٍ وَاعْتَنَى بِهِ. وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ. فَأَيُّ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةِ تَرَى صَارَ قَرِيباً لِلَّذِي وَقَعَ بَيْنَ اللُّصُوصِ؟». فَقَالَ: «الَّذِي صَنَعَ مَعَهُ الرَّحْمَةَ». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ أَنْتَ أَيْضاً وَاصْنَعْ هَكَذَا».
من هم الناموسيون؟
هم فئة من اليهود المضالعين في ناموس موسي، وكانوا متخصصين في تفسير الناموس وشرائع العهد القديم وتعليمها في المدارس والمجامع. هم يشبهون فقهاء الشريعة في عصرنا. وقد اتخذوا دراسة الناموس وتفسيره مهنة لهم.
وإذ ناموسي(فقيه، محامي) قام ليجرب يسوع. ذكر الرب يسوع لهذا الفقيه، هذا المثل الرائع الذي يعتبر من روائع القصص القصيرة وقد اتخذ الرب تعبيرا محوريا لوصف هذا السامري (تحنن عليه)، أي أن هذا السامري عندما شاهد الرجل الواقع بين اللصوص (تحنن عليه) واتخذ الحنان أشكال عديدة.
1- حنان للاحتياج وليس للاستحقاق: "ولما رآه تحنن"
رأي هذا السامري إنسانا سرقه اللصوص وجرحوه وتركوه بين حيً وميت، في حاجة ماسة إلي المساعدة.
مر علي هذا الرجل ثلاثة أشخاص:
أولاً: الكاهن الذي جاز مقابله (31) استمر في رحلته، مبررا نفسه بعقيدة عدم لمس الميت لكي لا يتنجس.ربما ظن الكاهن أن الرجل قد مات، فخشي أن يتنجس فيتعطل عن تأدية الشرائع المنوط بها.
كان من المعتقد أن الكاهن هو أقدس شخص بين اليهود فهو الذي يقدم ذبائح الخطية نيابة عن الشعب. هو الوحيد الذي كان يسمح له دخول الهيكل دون باقي الشعب. الكاهن هو الشخص الذي يمثل الله
ثانياً: اللاوي الذي لما رآه جاز مقابله أيضا. (32) لا بد أن اللاوي رأي الرجل الجريح لكنه نظر وعبر دون مبالاة.يشير دور اللاوي إلي دور النبي.. كان الرجلان(الكاهن واللاوي) خارجين من أورشليم بعد أن أديا الطقوس والشرائع فيها. لم يكن هناك داع للخوف من أن يتنجس أي منهما.
ثالثا: السامري الذي لما رآه تحنن عليه(33)
2- حنان فطري أصيل"ولكن سامريًا مسافرًا جاء إليه ولما رآه تحنن" (ع33)
لم تأت المساعدة من رجل دين، لم تأت من رجل من نفس الجنس، بل جاءت من سامري غريب الجنس. كانت هناك خصومات بين اليهود والسامريين، كان اليهود يتجاهلون السامريين. كان من المتوقع أن يقابل السامري كراهية اليهود له بكراهية متبادلة، بل كان من المتوقع أن يقوم السامري بإنهاء حياة اليهودي الملقي علي الأرض. لكن "مثل السامري الصالح" أصبح جزء من قاموسنا اليومي. كان من المستحيل أن يطلق أي يهودي صفة الصلاح علي أي سامري في ذلك العصر. ولا كان اليهود يتفوهون بكلمة سامري علي الإطلاق. كان اليهود لا يعاملون السامريين، كانوا يحتقرونهم كشعب نجس لا يمس.
كلمة تحنن في اليونانية تعني"شعور نابع من الأحشاء" وهو مرادف لتعبير إحساس غريزي نابع من الأعماق. رأي السامري ذلك الرجل الجريح مطروحا في يائس علي قارعة الطريق. تحركت أحشائه عليه، ولم يستطيع أن يجتازه دون تقديم المعونة.هذا هو المعني الحقيقي للحنان. الحنان يمنع النوم عن جفوننا حتي نقدم المعونة المطلوبة. نظر السامري شخصا يهوديا ملقي نصف حيً علي جانب الطريق، تحركت أحشائه وكان من المستحيل أن يجتازه،كما أنه قرر أن يقدم له المعونة ليس نتيجة استحقاق، لكن قدمها نتيجة احتياج. كان عدوا له. ولم يكن هناك دافع واحد يجعله يقدم أي حنان لشخص يهودي. لقد غًير هذا العمل العظيم معني العلاقة بين القوميات بأكملها. هذا ليس حنان نظري بل هو الحنان العملي
3- حنان عامل: "فتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتا وخمرا واركبه على دابته واعتنى به" (ع34). جسًد السامري عن مشاعره بطريقه عملية. لم يجتاز السامري إلي الجانب الأخر من الطريق، بل تقدم نحو الرجل المتألم، ليست هذه المشاعر أمرا مبهما. بل أن هذه المشاعر استوجبت العمل الفوري. رجل سامري الجنس يتحرك بخطوات ثابتة نحو يهودي يكًن له الكراهية والاحتقار. لأبد أنه قد فكًر فيما أنه لو كان السامري هو المجروح، هل كان اليهودي سيقدم له المعونة؟ تجاوب السامري بطريقة عملية، ليس بها أنانية. أركبه دابته، وأكمل الرحلة سيرا علي القدميين.
4- حنان مكلًف:"وفي الغد لما مضى اخرج دينارين واعطاهما لصاحب الفندق وقال له اعتن به ومهما أنفقت أكثر فعند رجوعي أوفيك" (ع35)
بذل السامري أكثر مما هو مطلوب، ذهب إلي الميل الثاني منفذا الوصية"من سخرك ميلا فاذهب معه أثنين"وعد السامري صاحب الفندق أنه عند عودته سيوفيه بأي تكاليف إضافية.أعطاه دينارين، لينفقهما في علاج الجريح. لم يكن هناك أي عمل أعظم من هذا يمكن عمله للإظهار الحنان.
5- حنان يكشف عن علاقة قوية مع الله: "فأي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريبا للذي وقع بين اللصوص.؟ 37 فقال الناموسي الذي صنع معه الرحمة. فقال له يسوع اذهب أنت أيضا واصنع هكذا" رد الفقيه وغصه في حلقه علي المسيح،"لم يستطع أن ينطق بكلمة السامري"بالقول : الذي صنع معه الرحمة. فقال له يسوع اذهب أنت أيضا واصنع هكذا. كان الرجل ناموسيا يستند علي أعماله فقال له أعمل. مضي الرجل دون تقديم أي عذر أو استفسار أخر. كان سؤله من هو قريبي. ورجع السؤال إليه من هو قريبك؟
"بهذا قد عرفنا المحبة أن ذاك وضع نفسه لأجلنا فنحن ينبغي لنا أن نضع نفوسنا لأجل الإخوة وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجا وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق" (1يو 3: 161- 8)
"إن كان أخ وأخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي 16فقال لهما أحدكم امضيا بسلام استدفئا واشبعا ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد فما المنفعة. هكذا الإيمان ايضا ان لم يكن له أعمال ميت في ذاته" (يع1: 151- 7)
التفسير الرمزي والأخلاقي:
نادي بالتفسير المجازي لهذا المثل تلاميذ المسيح، كما علًم به أباء الكنيسة الأوائل نظير إريناوس، كلمنضس، أوريجانوس. أمبروز في ميلان وأوغسطينوس في شمال افريقيا. كما قدم هذا التفسير من الكنيسة الأرثوذكسية أباء كثيرون.
نادي بالتفسير الأخلاقي لهذا المثل فرانسيس شوفير"حب المؤمنين لبني جنسهم فقط، حب ناقص، يجب علي المؤمنين أن يحبوا الجميع". وشرح أوغسطينوس في تفسيره الرمزي أن الجريح هو ادم، وأورشليم هي أورشليم السماوية، وأريحا هي العالم المعاصر واللصوص هم الشيطان الذي يترك الإنسان بين حيً وميت. الكاهن واللاوي هما الإنسان العتيق والسامري هو المسيح والفندق هو الكنيسة.
و أشار كلفن أن الإنسان لم يولد لذاته وأن البشرية هي نسيج واحد.لا يجب أن نعيش لأنفسنا بل لأقاربنا.
كتب البابا كيرلس من الإسكندرية أن من يحب قريبه يتوج بإكليل المحبة العظيم .
نادي المصلح الاجتماعي الأمريكي مارتن لوثر كينج، بهذا المثل وعلم عن محبة القريب وكان له دور كبير في إلغاء التفرقة العنصرية في العالم.
المحبة المسيحية هي الحنان الحقيقي الذي لا يتمثل في تقديم النقود إلي شخص محتاج، لكن الحنان الحقيقي ينبع من العمل علي سد الحاجة وبنيان المحتاجين في جميع المجالات.
أدًي التفسير التطبيقي "اذهب وافعل هكذا" إلي إطلاق اسم السامري الصالح علي العديد من دور العلاج والمراكز الطبية والمنظمات الخيرية في جميع دول العالم: مثل مؤسسات "السامري الصالح" "وأخوات السامري" "وأصدقاء السامري الصالح" ومستشفي السامري الصالح"الذي استخدم في جميع دول العالم. ويطلق الاسم علي العديد من المؤسسات الخيرية التي تقدم المعونة للمحتاجين والمصابين.
في مجال الفن والثقافة:
ذاع هذا المثل في القرون الوسطي بصفه خاصة. وصوًر المثل المسيح بالسامري الصالح. ونقش علي الأيقونات في الكنائس بواسطة ابرز الفانين والرسامين مثل فنست فان كوخ و لوس كما قام النحاتون مثل بيت ايزر وفرانس ليون بأعمال خالدة تجسيدا لهذا المثل. ونقشت استراليا عملة مادية تحمل السامري الصالح والرجل المجروح وقد حمله علي دابته إلي الفندق. كما طبع نفس الصورة علي الشلين الأمريكي لفترة سابقة
أنشد الشعراء القصائد في هذا المثل وأنتجت أفلام محورها المثل ودمجت علي اسطوانات"دي في دي"لتقدم في حلقات لدراسة الكتاب المقدس.
وضع الرب يسوع في هذا المثل حدا فاصلا بين الشخص الذي له علاقة حيًة مع الله والشخص المتدين ظاهريا وكشف السيد المسيح الأشخاص الذين نظروا الجريح و استمروا في مسيرتهم بدون اكتراث. يسأل بعض الناس ماذا أفعل لأدخل السماء؟ وتأتي الإجابة: بالإيمان والثقة في المسيح الذي فدانا ودفع أجرة الخطية بالكامل. ثم يمكننا تقديم الأعمال الصالحة.
ما هو اسم السامري الصالح؟
كان الواعظ الألماني الشهير في القرن الثامن عشر- فريدريك اولبرتين -عائدا من إحدى القرى إلي منزله و نظرا لسوء الحالة الجوية لم يجد أي وسائل نقل وكان الوقت متأخرا.فبدأ رحلة عودته سيرا علي الأقدام. اشتدت عاصفة الثلج، ضل طريق العودة وخشي الخادم من التجمد. وشعر بوهن وإعياء شديدين فجلس علي جانب الطريق..
بعد بعضة ساعات، ظهرت عربة وشاهد السائق شخصا جالسا علي جانب الطريق. توقف الرجل وترجل من عربته وحمل الواعظ إليها، وأوصله إلي اقرب دار علاج. وطلب من المسئول أن يعتني به.
بينما هو يهم بالرحيل، سأله الواعظ في صوت خافت: سيدي ما اسمك؟، حتى أذكرك في صلاتي أمام الله.؟ كان هذا الرجل يعرف الواعظ وقال له سيدي: أنت واعظ، دعني أوجه لك سؤالا: ما هو الاسم الحقيقي للسامري الصالح؟ أجابه الواعظ"لا أعلم.لم يذكر الكتاب المقدس اسم السامري الصالح."فرد عليه الرجل : أسمح لي أن اخفي اسمي عنك حتي تخبرني باسم السامري الصالح.