الموت وما بعد الموت



الموت وما بعد الموت

لتحميل الملف ورد


لتحميل الملف PDF


أ/ ماجد عطا


نسبية الزمن
تعتبر المجموعة الشمسية بحجمها الهائل نقطة من الكون , فهى جزء من مجموعة اضخم واكبر يطلق عليها اسم " المجرة " , وتتكون من حوالى ما بين 100 مليار الى 200 مليار نجم , تعتبر الشمس التى تنتمى اليها ارضنا واحدة منها . وان الاحجام والمسافات الفلكية لانستطيع التعبير عنها بالكيلومترات لضخامة الاعداد المستخدمة , وبدلا ً منها نستخدم الزمن الضوئى للاختزال , وسرعة الضوء 300 الف كم / ث , واقرب مجرة الينا اسمها " اندروميد " وتبعد حوالى 19 مليون سنة ضوئية عن الارض .
لو فرض ان المسافة بين الارض والقمر144الف كم ,اذن الشعاع الصادر عن القمر يصل الينا فى 8 دقائق بحساب سرعة الضوء . اذن الشعاع الذى نراه الان هو الذى صدر عن القمر منذ 8 دقائق , اى ما نراه الان هو ماضى  بالنسبة للقمر فألان بالنسبة الينا هى منذ بالنسبة للقمر .
وهناك نجم أخر على بعد 2000 سنة ضوئية فاذا تصورنا ان هناك انسان موجود الان فى هذة النقطة ويحاول ان يرصد الارض بافتراض انه يمتلك جهاز يمكنه من ذلك فكل ما سيراه هو الاحداث التى وقعت منذ 2000 سنة فربما يرى الان المسيح وهو يتجول ارض فلسطين , لان اشعة الضوء استغرقت 2000 سنة لتصل اليه , وهذة الرسالة التى يستقبلها اليوم هى التى انبعثت منذ 2000 سنة من ايام المسيح , وهكذا اذا اراد احد ان يعرف ماذا كان يحدث على الاض منذ 3 مليون سنة , عليه ان يستقبل الصورة من مكان يبعد عن الارض بمقدار 3 مليون سنة ضوئية . ومن ذلك نلاحظ مدى نسبية الزمن , فالحاضر بالنسبة الى الان هو ما كان ماضيا ً , ولكن نظرا ً الى الفترة الزمنية التى استغرقها الضوء حتى يصل الينا , اصبح من هذا المضى حاضرا ً , والحاضر الان سيظهر فى اماكن اخرى فى المستقبل بعد الاف السنين .

 محدودية الإنسان

يوجد الكثير من الموجات التى تمر حول الانسان دون ان يراها بعينه المجردة , مثل موجات الراديو , والحرارة , والضوء , والاشعاع النووى . هل تعلم ان بداخل الغرفة التى انت بها حوالى 60 الف محطة راديو موجودة حولك ولكنك لا تسمعها باذنيك وعن طريق جهاز صغير هو الراديو يمكنك سماع هذة الاشارات فى صورة اصوات , وبناءا ً على هذا يمكننا القول بان من يدعى بانه لا يؤمن الا بما يراه فهو غبى , لان ما يراه هو جزء بسيط جدا ً من الحقيقة , هذا وبالاضافة الى البكتريا التى لانراها بعيوننا المجردة مع انها موجودة بالفعل ويمكننا رؤيتها بالميكروسكوب , وأيضا ً فضلاً عن قدرة بعض الحيوانات والطيور على أن ترى أو تشم أبعد مما يستطع الانسان.

نظرية تيّار دى شاردان فى بزوغ الحياة                
   
تيار دى شاردان هو عالم عاش فى القرن العشرين , فرنسى , راهب يسوعى . وقد ظهرت الحياة على الارض بأنها لم تأتى لا من خارج الارض ولا بالخلق المباشر بحسب مفهومنا التقليدى , فالحياة فى رأيه أتت من المادة نفسها على أساس ان الله وضع بدأخلها بذرة الحياة منذ البدء حتى تظهر فى أوانها عندما تبلغ هذة المادة درجة معينة من النضج التكوينى الذى يمكنها من الظهور .
بحسب نظرية تيار دى شاردان , فى كل ذرة من المادة شى بسيط من الحياة لكننا فى هذة المرحلة لا نسميها حياة لانها لم تظهر بعد الى الوجود ولكن حين تبلغ المادة درجة معينة من التركيب , والمقصود به تنظيم المادة الداخلى , حينئذ تظهر الحياة , فما هو الفرق بين كتلة من قطع الغيار وجهاز تسجيل يعمل ؟ , لو وضعت جهاز التسجيل فى ناحية , وفى الناحية الاخرى كومة من قطع الغيار المختلفة , يكون الفرق بين الاثنين ان فى داخل جهاز التسجيل تركيبا ً  وتنسيقا ً , وهو ما يفتقده هذا التجمع المكون من مجموعة من قطع الغيار , التى لايمكن ان تقوم بعملية التسجيل وهى فى وضها الحالى , مهما حركتها او تم توصيلها بالتيار الكهربائى . وذلك لانها غير مركبه بطريقة منسقة و منظمة , فهى تفتقد الترابط العضوى . وكلمة عضوى هنا فى غاية الاهمية , فالترابط العضوى بين مكونات جهاز التسجيل بين مكوناته يجعل الجهاز يقوم بوظيفته على خير وجه .
أعود وألخص فكرة تيار دى شاردان التى ان مقتنع بصحتها , هذة ذرة فيها قدر ضئيل من الحياة , وهذة نواة ونواة ونواة تجمعت وكونت جزئ , وهو غير كاف , اثنان , ثلاث , اربعة ... غير كاف , لماذا ؟ , لان الحياة حتى تظهر لابد ان تصل لنقطة حرجة , اى انه يجب ان يكون هناك كمية كافية من حبيبات الحياة حتى تبدأ فى الظهور , تماما ً كما لو اننى احاول رفع قطعة ثقيلة من الاساس , فلا استطيع بمفردى . وأستدعى من يساعدنى , أثنان , ثلاث , .. اربعة ... تسعة لا نستطيع , حتى يصل العدد الى عشرة افراد , حينئذ يمكن رفع الثقل , فهل الفرد العاشر هو من قام بهذة المهمة لوحده ؟؟ كلا , لان الافراد العشرة معا ً هم الذين رفعوا هذا الحمل على اعتبار انه كان يحتاج الى جهد الفرد العاشر حتى يتم رفعه . كذلك يمكن القول بأن المادة تعقدت وتركبت ونظمت نفسها حتى وصلت الى مرحلة معينة ,  حين دخل فيها جزئ احدث الطفرة بتفاعل الاشعة الكونية أو ظروف طبيعية أخرى لانعرفها الان ادت الى هذا التفاعل , اذا ً من أين اتت الحياة , أتت من صميم المادة , وكانت مطبوعة بداخل المادة لكنها ظهرت حين وصلت الى مرحلة نضج معينة

دور الله فى التطور                

حين اعلنت نظرية التطور فى القرن الماضى اصيب رجال الدين بدهشة وتسألوا : ماهو هذا التطور ؟ , فقد كانوا يؤمنون أن العالم ثابت : هكذا خلق  ومازال , وسيظل كذلك . فما الداعى الى التفكير فى هذا التطور ؟ , ثم اذا سلمنا بهذة القضية , فهل هذا يعنى ان الله لم يخلق العالم ؟ , وان الطبيعة هى التى خلقته , أو ان الحياة تطورت تلقائيا ً حتى اصبحت على ما هى عليه ؟ , اسئلة كثيرة والرد عليها سيكون أسهل بعد أن اعرض هذا المثال
هناك مصنع بدائى لصنع البسكويت فى احدى المدن الصغيرة  , حين تزوره تشاهد عمالا ً يعدون الدقيق واخرين يعجنون , واخرين يصبونه فى قوالب خاصة . ثم هناك من يضعه فى الأفران , وهناك فتيات لتغليف المنتج , فتفوح فى المكان رائحة البسكويت . فأسالك كيف يتم صنع البسكويت ؟ ترد : عن طريق هؤلاء العمال . ولنقارن بين هذا المصنع وأخر بنى على أحدث تكنولوجيا فى مدينة سويسرا . تدخل المصنع فلا تجد سوى الآت : يدخل الدقيق من طرف , ويخرج من الطرف الآخر بسكويت مغلف , بل ومعبأ فى عبوات كبيرة . كل هذا دون ان ترى يد بشرية تلمس المنتج , وأعود وأسأل من يصنع هذا البسكويت ؟ , ترد : هو يعمل ذاته . كيف ذلك ؟ لم ارى انسان يعمل فى المصنع . وهذة الآلات ؟ , انها تعمل اليا ً وهذا تماما ً هو الوضع فى عملية التطور . نفرض ان الله هو على مستوى بدائى جدا ً مثل عمال المصنع الاول فسنراه يحمل ويضع ويخلق جبالا ً ويدفع حجارة ويشق بيده انهارا ً , ويشمر عن ساعديه ,  ويعرق ويتعب . فى هذة الحالة فقط نؤمن ان الله هو الخالق , لكن لو كان اذكى , وهو كذلك بالفعل , وبدلا ً من ان يعمل بساعديه , فابتكر طريقة الية منظمة ومخططة للخلق , حتى يخلق المخلوقات دون ان نشعر بحركته او تدخله , حينئذ ندعى انه طبيعية , واذ سألنا انسان ملحد أجاب : أنها الطبيعة . فهذة الطبيعة ذكية وعبقرية وفيها حنان , وفيها تخطيط وتفكير !! أستطيع أن أقول انه , كما  ان المصنع الآلى يخرج

أشكلا ً والوانا ً من الانتاج من دون ان ترى يد تعمل بطريقة ظاهرة , كذلك اراد الله ان ينسق كل شئ منذ البدء بطريقة متقدمة 




رحلة التطور من البداية إلي النهاية مرورا بمحطات التطور الرئيسية : الخلق ثم الذرة ثم الحياة ثم الحيوان ثم الإنسان ثم التجسد حتى القيامة


فنجد البشرية التي ننشدها هي البشرية كلها ، لكن علي شكل جسد واحد ونحن خلاياها . نستطيع أن نقول أن هذه الخلايا ، بقدر أتحادها معا بشكل جوهري بالحب ، تسلم هذا الجزء الألهي الموجود في داخل كل منها ، وعن طريق هذا التوحد وهذا التجمع يظهر الأنسان الكامل والبشرية المحققة (نقط أوميجا )، (في جسد المسيح السري )
خذني وكلني
هناك قصة صغيرة سنجد في أحداثها معني ، وهي تبداء بنبتة صغيرة تنمو علي قمة هضبة شعرت ذات يوم بالجوع ، فالقت بجزورها إلي وسط التربة للبحث عن بعض المواد العذائية التي تنموا عليها ، فصادفها جزيء من التربية ، فكرة في أمتصاصها ، ولكنها ترددت قليلا وقالت في نفسها : كيف تسمح لي أنانيتي بأن أخذ هذا الجزيء وادخله في جسمي لاستغله في بناء ذاتي ، فأي ذنب له ، فصارحت النبتة جذيء التربية بذلك ، ولكن قال لها : كلا فأنت محتاجة إليّ وأنا بدوري سوف أكون سعيداً جداً حين أدخل جسمك وأذوب في كيانك . لست سو جماد ، ولكن إن أنت تناوليني سأتحول الي حياة ، وكل أمنيتي ان أكون جزءاً من كيانك . فبدل من اتتركيني في عالم المادة ، أفضل  أن اخضع لشريعة جديد هي شريع الحياة . سانطلق معك فوق سطح الارض ، وأنتعش مع نسمات الريح في الصباح , فهي خذيني وكليني .
وحدث أن مر خروف صغير بجانب هذه النبتة ، فأقترب منها ، وخطر له خاطر أن يلتهمها فهو يشعر بجوع شديد ، ولكن في اللحظات الاخيرة تردد وخاطبها قائلاً :أيتها النبتة الجميلة لقد فكرة في أن أسد جوي بك ، ولكن ما ذنبك أنت ، فلا تركك تعيش في حياتك مستقلة وتستمتعين يالشمس والهواء ، وسمع الخروف صوت صادر من النبات يقول له : كلا خذني وكلني ، فما انا الا مجرد نبات صغير مثبت في الارض ، لا استطيع أن أتحرك من مكاني . لكن أذا دخلت في جسمك ساتحول الي حياة متحركة، سارتقى الى مستوى اعلى ،فكل امنيتي أن ادخل في جسمك ، وأن أخطلت بكيانك ، أن أموت كنبات ولكن احياء كحيوان متحرك ، وأكلها الخروف وتحولت في داخله إلي حياة وحركة ، إلي مستوى أرقى
وفي يوم عيد ميلاد سمير ، أمره والده بأن يأخذ هذا الخروف إلي الجزار حتي يذبحوه ويتناولوا من لحمه وفكر وقال : كم أنا حزين جدا لأن والدي أمرني بأن أتي بك حتى نذبحك لنحتفل بعيد ميلادى , ونأكلك . ولكن هذا لا يمكن أن يحدث فقال له الخروف : بالعكس ، فقمة سعادتي  هي أن اتحول إلي جزء من كيانك ، وأن اصبح حزءاً من إنسان . أن أدخل في هذا الرباط العائلي المقدس الذي يربط بينكم ، سأتحول إلي عيد , إلي فرح , إلي ذكاء و إلي حب . فهيا حذني وكلني .
لهذه القصة معنى عميق . فكل مخلوق يحن ويرغب ويأمل في أن يرتقي  وأن يدخل في درجة أرقى في مسيرة التطور , وفي هذه الحركة موت وحياة ، موت في مرحلة سابقة ، وحياة في المرحلة أللاحقة ، أي أن المخلوق يضحي بمستوي حتى يصل إلي المستوي الأعلي , يموت عن حقيقة ليعيش في حقيقة أرقي وافضل , وفي أعتقادي أن الطبيعة كلها مبنية علي هذا المبدا ، موت وحياة ، مبدا التحول، تحول من حقيقة إلي حقيقة ، مبدا التضحية للوصول إلي مرتبة أعلي  (اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ." ( يو 12 : 24 )
الموت وإخلاء الذات هما شرطان لدخولنا في جسد المسيح علي مثال موت يسوع المسيح«خُذُوا كُلُوا. هذَا هُوَ جَسَدِي».  ( مت 26 : 26 )



الموت
كما ذكرنا في السابق أن الله وضع في داخل المادة بذرة الحياة ووضع لها الأساس ومن ثم الخليقة تُخلق ذاتها بذاتها . ويوضح ذلك قصة مصنع البسكويت المذكور في السابق , متى وصلت هذا المادة إلي درجة معينة من النضج والتنسيق تحولت إلي حياة , ماتت عن كونها مادة ، وصارت حياة ، وإيضا متى وصل المخ إلي درجة من النضج والتنسيق تحول إلي الفكر . هكذا متى وصل الإنسان إلي مرحلة معينة من النضج التكويني ، يموت عن ، حتى يحيا إلي , يموت عن الماضي حتى يحيا في جسد المسيح السري , وهكذا كل شخص يموت يتحول من هذه الصورة إلي الاتحاد بجسد المسيح السري الذي هو فينا ومن خلالنا , حتى أخر شخص يموت يكون محتاجا إليه الجسد السري حتي يكتمل تحدث الطفرة التي هي أكتمال الإنسانية في جسد المسيح السري .
ومما سبق نلاحظ أن الحياة تتطور وتذهب إلي ما هو أعلي , ما هو أرقى ، إلي الامام , فالموت هو عملية تحول من إلي ( التقدم ) " من صورة إلي صورة " ، مثل دودة القذى فهي تموت عن كونها دودة حتى تتحول إلي صورة أخري " فراشة "  , الموت هو تخلص من الشرنقة التي كنا فيها وننطلق كالفراشة , إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ." ( يو 12 : 24 ) الموت وإخلاء الذات هما شرطان لدخولنا في جسد المسيح علي مثال موت يسوع المسيح ، الموت وهم , لا يوجد موت , يوجد تحول , أنطلاق ، كما يخرج إنسان من حجرة إلي أخري هل معناه أنه مات في الحجة الأولي ؟ لا , هو أختفاء عن العيون وليس عن الوجود . وأيضا مثل قصة خذني المذكورة سابقا  , فهي موت عن حالة للظهور في حالة أخرى ،44يُزْرَعُ جِسْمًا حَيَوَانِيًّا وَيُقَامُ جِسْمًا رُوحَانِيًّا. يُوجَدُ جِسْمٌ حَيَوَانِيٌّ وَيُوجَدُ جِسْمٌ رُوحَانِيٌّ. " 45هكَذَا مَكْتُوبٌ أَيْضًا:«صَارَ آدَمُ، الإِنْسَانُ الأَوَّلُ، نَفْسًا حَيَّةً، وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا». 46لكِنْ لَيْسَ الرُّوحَانِيُّ أَوَّلاً بَلِ الْحَيَوَانِيُّ، وَبَعْدَ ذلِكَ الرُّوحَانِيُّ. 47الإِنْسَانُ الأَوَّلُ مِنَ الأَرْضِ تُرَابِيٌّ. الإِنْسَانُ الثَّانِي الرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ. 48كَمَا هُوَ التُّرَابِيُّ هكَذَا التُّرَابِيُّونَ أَيْضًا، وَكَمَا هُوَ السَّمَاوِيُّ هكَذَا السَّمَاوِيُّونَ أَيْضًا. 49وَكَمَا لَبِسْنَا صُورَةَ التُّرَابِيِّ، سَنَلْبَسُ أَيْضًا صُورَةَ السَّمَاوِيِّ. 50فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لاَ يَقْدِرَانِ أَنْ يَرِثَا مَلَكُوتَ اللهِ، وَلاَ يَرِثُ الْفَسَادُ عَدَمَ الْفَسَادِ."
( 1كور 15 / 44 : 50 )
ويتضح من هذا أنه لا وجود للموت  بل هو تحول من صورة إلي صورة , ولكن الخلود لا يتم فرديا لكنه جماعي , أي الإنسانية جمعا فحين يموت واحد ثم أثناً ........... الخ يتحدا بجسد المسيح وحين يتم اتحاد أخر شخص يحتاجه الجسم هنا تتم الطفرة وهي اكتمال البشرية باتحادها بالثالوث

ما بعد الموت
      فى الموت تحول , ولكن أين يذهب ذلك الأنسان ؟ افالسموات , وأين هى السموات ؟ , ان ملكوت الله بداخلنا , " وبينما هم ينظرون الى السماء , وهو يبتعد عنهم , ظهر لهم رجلان فى ثياب بيض وقالا لهم : أيها الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ؟ ", ( أعمال الرسل 1 : 10 _ 11 ) , لقد سبق وقال لكم : " هأنا معكم طوال الأيام الى انقضاء الدهر " ( متى 28 : 20 ) , وقبلها قال : " ملكوت الله هو فيكم " ( لوقا 17 : 21 ) , فصعود المسيح الى السموات ليس رحيلاً بل هو أختفاء وتحول من صورة الى صورة أخرى , وصعوده الى السموات يعنى بالنسبة الى اندماجه بالبشرية بشكل روحانى , والروح القدس الذى يحل فينا هو تواجد المسيح الجديد فى بطن البشرية ," هأنا معكم طوال الأيام الى أنقضاء الدهر " ( متى 28 : 20 ) , ومدام معنا فالموتى الذين فى المسيح سيكونون معنا ومن الخطاء أن نعتقد أن السماء فوق ونحن فى حاجة الى أن نصعد الى هذا المكان البعيد عن الأرض .
      ولكن أذا كان الموتى هم موجدين فأين هم ؟ , لماذا لانراهم بعيوننا ؟ , وللرد على هذا السؤال نشير الى ما ذكرناه فى السابق عن نسبية الزمن , حيث فى الواقع لاوجود لماضى ومستقبل بل كله حاضر بالنسبه لله , وأيضا ً من خلال حديثنا عن نسبية الزمن يتضح أن الكل موجود ولكن بصورة أخرى , وايضا ً أوضحنا ذلك من خلال محدودية الأنسان , حيث ما نراه وندركه بحواثنا هو جزء ضعيف جدا ً من الحقيقة , وكما قلنا سابقا ً أن ملكوت الله هو فى داخلنا , اذا ً لاوجود لسماء بعيد عنا , ولكنها فى داخلنا , ولكن بعد هذا التحول ماذا سنكون ؟ , وللرد على هذا نذكر الأتى , حيث يقول الكتاب " ما لم تراه عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر "                        , وأيضا ً " أيها الأحباء نحن ألان أبناء الله ولم يتبين بعد ماذا سنكون غير أن نعلم انه اذا ظهر نكزن نحن أمثاله لان سنعاينه كما هو " ( يوحنا الاولى  3: 2 ) , وهذا الجسد فى نظرى سينطلق من تجديد الى تجديد الى مالا نهاية , كما يقول القديس غريغريوس النيصى : " ننطلق من بداية الى بداية نحو بدايات لا نهاية لها " , بمعن ان النهاية ستكون بداية لانطلاقة جديدة .

المراجع
(1)          الكتاب المقدس .
(2)          الأنسان والكون والتطور بين العلم والدين , الأب هنرى بولاد اليسوعى , دار المشرق بيروت .
(3)          ولادة الموت , الأب هنرى بولاد اليسوعى , دار المشرق بيروت .


التعليقات
0 التعليقات
شكرا لك على التعليق

اشترك فى القناة